الدكتورة شارو ثاداني ، مديرة الخدمات الصحية في شركة ايتنا انترناشونال.
عادة يكون بداية العام الجديد هو وقت إتخاذ القرارات لمعظم الأشخاص، والتي قد تشمل إتباع نمط حياة صحي من خلال تناول وجبات غذائية متوازنة وممارسة الرياضية بانتظام، ولكن الالتزام بذلك قد لا يكون سهل نظراً لضيق الوقت خلال اليوم، حيث عادة ما يكون لدى الشخص يومياً 16 ساعة من اليقظة تتضمن 9 ساعات من العمل غالباً لا يوجد فيها وقت لاستراحة الغذاء بجانب حياة منزلية واجتماعية، ولكن قد أشار مقال في مجلة ” هارفارد بيزنس ريفيو” تحت عنوان “الطعام يؤثر على الإنتاجية في العمل” ، إلى أنه من الممكن اعتماد نظام غذائي صحي من خلال تغيير العادات الغذائية الغير صحية خلال فترة العمل وذلك نظراً إلى أننا نقضى معظم الوقت خلال اليوم في العمل.
وهناك بعض الخطوات البسيطة التي تساهم في الحفاظ على نظام غذائي صحي خلال أوقات العمل، منها:
زيادة المعرفة حول العناصر الغذائية الصحية
هناك أهمية كبيرة للتعرف على القيمة الغذائية للأطعمة والمشروبات التي نتناولها حيث يفيد الإطلاع على ذلك في معرفة ما هو صحي ومفيد لنا، كما أنه هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة حول المواد الغذائية الصحية والغير صحية على سبيل المثال أن البيض يساهم في ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ولذا من خلال زيادة المعرفة والوعي حول العناصر الغذائية الأكثر فائدة للجسم، يمكن للأشخاص إجراء تغييرات بسيطة وسهلة للوصول إلى نظام غذائي صحي يساهم في أداء أفضل في العمل، مثال على ذلك، يعتبر تناول البيض مع الخبز المحمص في وجبة الإفطار أفضل من تناول المربى مع الخبز المحمص، حيث بذلك يتم استبدال السكر في المربى بالفيتامينات المفيدة مثل الزنك والحديد وفيتامين (د)، بجانب مادة الكولين وهي عنصر غذائي اساسي وضروري لتطوير الجهاز العصبي وتحسين الوظائف المعرفية في الدماغ.
اعتماد نظام غذائي صحي محدد
أحد الأسباب للعادات الغذائية السيئة هو عدم إتباع نظام غذائي صحي محدد ولذا عند الشعور بالجوع عادة ما نتناول ما هو أسهل في تحضيره (وقد يكون غير صحي)، ولكن اعتماد نظام غذائي محدد يساعد على توفير الوجبات والخيارات الصحية سواء في المنزل أو خارجه، كما أنه من الهام تحديد خيارات الطعام الصحي قبل الشعور بالجوع، ويمكن القيام بذلك ببساطة حتى خلال أوقات العمل، على سبيل المثال يمكن تحضير وجبة صحية في المنزل لتناولها في العمل، أو شراء وجبات خفيفة صحية مثل الجزر، المكسرات في الطريق إلى العمل، بدلاً من تناول رقائق البطاطس والحلوى عند الشعور بالجوع خلال أوقات العمل.
الحفاظ على تناول الوجبات الرئيسية
أن الحفاظ على تناول الوجبات الغذائية في مواعيدها لا يقل أهمية عن الحصول على العناصر الغذائية الصحية، ومن الهام تجنب عدم الانتظام في تناول وجبات الطعام الرئيسية أو تركها لفترة طويلة، حتى في حال تناول الوجبات الخفيفة الصحية خلال اليوم لأن ذلك قد يؤدى إلى خفض نسبة الجلوكوز في الجسم، ما يجعل التركيز أكثر صعوبة ويزيد من احتمال تناول عناصر غذائية غير مفيدة في الوجبة التالية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أهمية كبيرة للحفاظ على تناول وجبة الإفطار، وعدم تناولها قد يسبب زيادة الوزن أو زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، ضغط الدم، السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، حيث أن تناول أول وجبة صحية في اليوم يساعد الجسم على حرق المزيد من السعرات الحرارية خلال اليوم وخفض مستويات هرمون الكورتيزول المسؤول عن مستويات التوتر في الجسم، والذي تتباين نسبته في الدم بشكل كبير، إذ تصل إلى أعلى مستوى لها في الصباح الباكر، وقد يؤدى ارتفاع نسبة هذا الهرمون في الجسم إلى الشعور بالإجهاد والقلق.
الحفاظ على شرب الماء
جفاف الجسم خلال فترة العمل قد يؤدى إلى ضعف الإنتاجية نظراً لإنخفاض القدرة المعرفية في الدماغ، ولذا هناك أهمية بالغة لشرب الكميات الكافية من الماء ولكن ليس عن طريق الإكثار من المشروبات السكرية أو التي تحتوى على الكافيين، والتي قد تؤدى إلى آثار جانبية منها الجفاف وزيادة نسبة السكر في الدم واضطرابات النوم.
أهمية تناول وجبة الغذاء الصحية
بالرغم من أهمية تناول وجبة غذاء صحية خلال اليوم إلا أنه قد يكون من الصعب الوصول إلى وجبة غذاء مثالية خلال أوقات العمل، تحتوى على التوازن المثالي من البروتين، السكريات، الدهون، الألياف، الكربوهيدرات والعناصر الغذائية الهامة الأخرى، وقد أشارت دراسة إلى أن زيادة نسبة تناول الفاكهة والخضروات قد تساعد على زيادة السعادة والإبداع، حيث تحتوى على عناصر مغذية تساعد على إنتاج الدوبامين وهو مادة كيميائية أو هرمون موجود بشكل طبيعي في جسم الإنسان يعزز من الشعور بالسعادة، بالإضافة إلى كونه ناقلا عصبيا، أي أنه يرسل إشارات بين الجسم والدماغ، التوازن الصحيح للدوبامين في جسم الإنسان هو أمر في غاية الأهمية والحيوية، حيث أنه يلعب دورا في التحكم بالمهارات الحركية والاستجابات العاطفية، ولذا، هناك وسائل سهلة للحفاظ على وجبة غذاء صحية خلال العمل، على سبيل المثال يمكن تحضير في المنزل السلطة الخضراء التي تحتوى على الفلفل والجزر والخيار لتناولها في العمل.
تناول وجبات خفيفة صحية
بينما يحاول الكثير من الأشخاص تجنب الوجبات الخفيفة خلال اليوم، قد يساهم تناول خفيفة صحية في الحفاظ على مستويات الطاقة في الجسم خلال اليوم وقد يعٌزز تحسين المزاج والإنتاجية في العمل، وهناك العديد من الخيارات منها المكسرات، الفاكهة والخضروات مثل الجزر، الكرفس وحتى الفاصوليا الخضراء وأيضاً البيض المسلوق أو الزبادي اليوناني، والتي توفر وجبة خفيفة شهية وصحية تحتوى على عناصر غذائية هامة ومفيدة للجسم تساعد على التركيز والإنتاجية.
أهمية تناول غذاء صحي
أن الوجبات التي نتناولها لها تأثير مباشر على صحة الجسم ومستوى الطاقة والتركيز لدينا، وبالرغم من أنه من الصعب الالتزام الكامل بنظام غذائي صحي طوال الوقت إلا أنه من خلال الاهتمام والوعى المتواصل بالعناصر الغذائية التي يجب أن نحرص على تناولها، من خلال التركيز على شراء وتحضير الأطعمة التي تحتوى على العناصر المفيدة للجسم، يمكننا تحقيق الوصول لنمط غذائي صحي بنسبة 80 في المائة، ما يسمح لنا في بعض الأحيان بالاسترخاء وتناول بعض انواع الطعام الأخرى مثل الحلويات كنظام تحفيزي للالتزام بالوجبات الصحية المغذية.
ويساعد إتباع الخطوات السابقة الهامة على فهم وإتباع التغذية السليمة والمتوازنة للجسم واعتماد نمط غذائي صحي خلال فترة العمل، يساهم بشكل كبير في على الحفاظ على صحة الجسم وتعزيز جهاز المناعة، وأيضاً تحسين الوظائف المعرفية والصحة العقلية، بجانب تقليل مستوى الإجهاد وخفض مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بسوء التغذية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.
ولذا نشجع الجميع على تحقيق نمط غذائي صحي خلال العام 2020.