مشاركة- الفنانة سناء هيشري:
عشقت نهر “الميز ” ببلدي بلجيكا واكتشفت نهر ” أمستل ” بأمستردام وانبهرت بنهر” السين ” بباريس بينما اخترت عرض لوحاتي بمنطقة ” ديرة ” التي يمرّ منها “خور دبي ” الممرّ المائي الذي يعكس التراث العريق لمدينة دبي والذي يقسم المدينة الى نصفين هما بر دبي وديرة التي لها تاريخ و تراث عريق وهي من اقدم المناطق الحضرية في دبي حيث تحتضن العديد من المتاحف ، لتأخذك نفسًا عميقًا ، عند دخول الأزقة الضيّقة والمواقع الاثرية ، للاستمتاع بالأجواء الرائعة، واستنشاق عبير الماضي بحضارته و تراثها العريق.
كان اول معرض لي يعكس التاريخ والحضارة الامارتية سنة 2015 ، حيث عرضت لوحاتي في احدى اهم المناطق التاريخية والتراثية بدبي في نزل الأحمدية التراثي دبي الذي حضن اعمالي الفنّيّة ، رسمت الابواب التي تعدّ من التراث وًمازالت قائمة حتي اليوم لما تتميّز به من قوة وشموخ وضخامة ، رسمت الابواب التاريخية التي ترمز للخروج للبدايات والأمل .
واليوم و بعد مرور 10 سنوات اردت اكمال مشروعي الفني لأتعمّق فيه أكثر وأُطوّر الموضوع من رسم الأبواب إلي التفنّن في رسم الحضارة العربية ومواقعها الاثرية المدرجة من قبل الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة اليونسكو علي قائمة التراث العالمي وذلك بمُشاركة بعض من تلاميذي اللاتي تنتمين الى اكاديمية سناء هيشري للفنون الجميلة ، فكانت ولادة مناطق تراثية بالنحت والالوان نذكر منها :
الايقونة سوريا ارض الحضارات و بوابة إلى التاريخ بالوان نايلة المصمودي
” الدرعية التاريخية” بالوان دلندة دريرة
“واحة العين ” بأبوظبي ببصمة سناء هيشري وآثار هيلي عبقرية المعمار و عراقة حضارة الامارات العربية المتحدة بالوان الفة بنعودة
مدينة غدامس القديمة “لؤلؤة الصحراء” بريشة سهام القراندي نميسي
والجم.. نحت روماني في قلب تونس بريشة سلوي الطرابلسي
وبعلبك الاسطورة الاثرية لوحة سارة بودن
ومدينة البتراء الأردنية عجائب الدنيا السبع منحوتة منال الشواشي
“القدس ” بعيون الفنانة آمنة بن براهم
والعديد من المناطق التراثية التي رُسمت من طرف تلاميذ سناء هيشري التي ارادت نقل خبرتها و مُشاركة تلاميذها لترسيخ ثقافة الحفاظ علي التاريخ والحضارة العربية والعودة بالزمن الى الماضي لرسم مناطق تراثية باستعمال عدة تقنيات لعلّ ابرزها الفريسكو الحقيقية مع الالوان الزيتية بعد خلطها بمعاجين مختلفة و المعادن بأنواعها.
وما يهمّنا هنا هو أن نفهم من خلال مشاهدة اللوحات الفنية كيف و لماذا اختزلت سناء هيشري الرسم إلي لون واحد لتجديد ممارستها الفنية !
صمتًا في الالوان … لسرد التّاريخ تجربة فريدة تنقل المشاهد من الحاضر الى الماضي العريق ، هي مقدّمة لقصّة علي وشك أن تبدأ … إنّها نشأة و إشراقة شئ مُميّز
تقول سناء هيشري:
ان وجود لونين او اكثر في نفس اللوحة سوف يكون بمثابة تكرار و تنافس ،
و لا سيما اللعب علي مخطط لون واحد في الرسم سوف يسمح لي بالتعبير عن رسالة قويّة بصريًّا و بذلك انشاء استمرارية بصرية و وحدة بين جميع اللوحات و بالتالي وحدة الحضارة العربية و تراثها العريق
فكان فارس الالوان، الذي لعب دور البطولة في تصميم و رسم المناطق الأثرية العربية “البنّي” الذي لا وجود له علي عجلة الالوان التقليدية و لا يشكل لونا أساسيًا أو ثانويا و لا حتي ثالثيا
هو مشتق من اللون البرتقالي ،و هو رمز الاستقرار و الصفاء
لون حقيقيا يرتبط ارتباطًا وثيقا بالأرض و هو لون التراب ، احد الالوان الحارة و الذي يتكون من خلال الجمع بين الأحمر و الأصفر و الوردي و القليل من الاسود
كانت خطوة مُهمّة و حكمة و تجرّأ مني في اختيار هذا اللون ،و توظيفه في رسم اللوحات الفنية ،
رأيته مُميّزا و أنيقًا و خاصة يتطابق مع الموضوع العام و مُكملا لعنوان اللوحات الفنية :
“حجر يروي الحضارة و التراث العربي “
وان شاء الله سوف تُعرض هذه الاعمال الفنية قريبا برعاية و دعم و مساعدة سعادة الدكتورة ايمان احمد السلامي سفيرة الامارات العربية المتحدة في الجمهورية التّونسيّة لتسليط الضوء علي ثراء المقترحات الفنية التي تُقدمها اكاديمية سناء هيشري للفنون الجميلة من خلال لوحات تشكيلية و ابداع بحثي ..!